مفاجأة الصمت

مفاجأة الصمت

اتسعت عيناها وهي تنظر إليه، صامتة يطوف بها بحر رمادي، والضباب يلف الماء والهواء، وهو مستغرق في الحديث.

- أنا اقدر مشاعرك وأنا لست بعيداً عنها بل أني غارق مثلك … لكني اعلم إننا نلتقي على مفترق من الطرق … وكلانا قادم من جهة مختلفة …. نرنو إلى بعضنا لكنا نعلم إنها لحظة…

يستمر في الحديث وهي تحاول تبديد الضباب الذي يغمر الأشياء ودت لو تبكي بحرقة … وترمي برأسها على كتفه … وتقول كنت حمقاء حين رفضت مشاعرك قبل سنين ، ولكن كنت لا أستطيع الفكاك من قصة حب أخرى قيدتني … وتحكمت في مصائري … ، حين أبديت مشاعرك لأول مرة بتلك المباشرة ، استهجنت أسلوبك الفج … وشعرت إنني رخيصة التناول للرجال ، ثم استهجنت هروبك السريع نحو غاباتك الكثيفة حتى لم أعد أرى لك ظلا أو خيالا، أيها الرجل الفج ها أنا آتية … وقد تحررت من تلك القيود لكنك تتشرنق داخل غاباتك.

اكتشفت انه صمت بعد حديث بدا طويلاً … وأنه يتحاشى النظر إلى عينيها بكل قوة … حاولت الخروج من الضباب وتكلفت ابتسامة بدت مصطنعة … من أين تبدأ؟! هل تعترف له أنها كانت تحب شخصاً آخر لم يمكنها من إجابة مشاعره الفياضة … راحت تحدثه عن الظروف وبدا انه يستمع بينما كانت الأمواج في داخله تطوف وترتفع فتغمر جزائر باسقة الأشجار حتى ليرتفع الماء على الأشياء وتكاد تغمر أنفاسه وهو يحاول الإمساك بآخر شجرة تحطمت ممسكاً بها محاولا الاقتراب من شاطىء …


أحب أن يقول:

- لا أستطيع أيتها الحبيبة أن أحيا هذا الحب للحظة عابرة … أنت بالنسبة لي روح تسكن داخلي وأنت امرأة سواحه تهبطين كالنحلة ، وأنا لا أستطيع أن أكون الوردة التي تعيش لأيام أو شهور ثم تفقد النحلة.

ثم اكتشف أنها سكنت … تحدثت عن أشياء صغيرة وكثيرة ، حدثته عن إعجابها به ، وعن جديته المبالغ فيها ، وعن تصرفاته التي تسبب سوء الفهم … ثم عن خجلها كامرأة… ، ثم سكنت بدا المكان ساكنا ، وكأن اللحظة تجمدت فوقها الأشياء … ، كان يحاول الوصول إلى شاطئ … وكانت تحاول تبديد الضباب وتغالب رغبة قوية في البكاء ، ودت لو تقول:

- صدقني أنا ألان في أمس الحاجة إليك ، وأنا ارغب في تحويل مساراتي جميعاً باتجاهك … احب أن أكون بجانبك أينما تكون أقاتل في معاركك الصغيرة والكبيرة … أرجوك أيها الحبيب ساعدني للخروج من علب الليل ، والضباب والعشاق المارين كالسحاب … أريدك أنت لذاتك…

وحين رفعت إليه عيناها التقت بعينيه فاغتصب بعض ابتسامة … وربت على يدها.

- يبدو أننا نلتقي في الوقت والزمان الخطأ….

ردت وهي تشهق:

- لماذا ؟!

- لأن للحب لحظة نضج إذا مرت دون قطف ذبل الحب….

سكتت ثم ردت بهمس:

- ربما!!

بدأ الموج ينحسر وتبدو قمم الأشجار من خلال الماء وبدأ الضباب ينقشع وتبدو بعض ومضات من الضوء.

سكن البحر ومضى مركباهما مبتعدين ومتباعدين كل يبحث عن نقطة انتهاء.

اترك تعليقا